استرها يارب

لن تنسي ذاكرة الشعب المصري هذه الأحداث التاريخية‏..‏ إنه في يوم الاثنين الموافق الخامس عشر من شهر يونيو في عام‏2009‏ التقي المنتخب الوطني لكرة القدم مع المنتخب البرازيلي الرهيب في الخامسة عصرا ـ بتوقيت القاهرة ـ علي ستاد المدينة الحرة في بلومفونتين في افتتاح مباريات المجموعة الثانية لبطولة كأس العالم للقارات الثامنة‏.‏

النتيجة يتوقعها كثيرون وهي بالطبع في مصلحة نجوم السامبا ليس لأنهم حاملو لقب البطولة الأخيرة التي أقيمت في ألمانيا عام‏2006‏ ولا لأنهم يسعون للحصول علي البطولة للمرة الثالثة في تاريخهم متجاوزين الديك الفرنسي ولا لأنهم يتصدرون مجموعتهم في تصفيات كأس العالم ولكن لأنهم من بلد اسمها البرازيل يعرف العالم كله قدرها في كرة القدم وتفتح أوروبا كلها أبوابها لنجومها من أجل الاحتراف بالملايين من كل العملات ذات الوزن الثقيل‏.‏

وسط كل هذا‏..‏ من نحن؟
حتي لا نقلل من أنفسنا‏..‏ لابد أن نقول أولا إننا أبطال إفريقيا منذ عام‏2006‏ ولكن لا قبل لنا بمواجهة ترسانة النجوم التي لا تبقي ولا تذر علي أي بقعة من بقاع الأرض فريقا إلا وتهزمه حتي لو كان ذا شأن وصاحب بطولات وله اسم وتاريخ‏..‏ فما بالكم بمنتخبنا الذي لم يظهر في كأس العالم منذ أن شارك في نسخة إيطاليا‏1990‏ وفوق كل ذلك بطل جريح جاء إلي بلومفونتين يجر أذيال الهزيمة من الجزائر‏3/1‏ ليجد نفسه اليوم في مواجهة قوة كروية عظمي أمامه وأخري إيطالية من خلفه‏!‏

عليكم أن تتخيلوا خط سير مباراة بين فريقين أحدهما ملء السمع والبصر والآخر معجب ومبهور لولا الحرج لاستمتع معنا بما يقدمه البرازيليون من فن كروي جميل‏..‏ ولكن الأقدار كتبت عليه اللعب معه في بطولة رسمية وسط دق إعلامي رهيب فوق الرءوس‏,‏ وكأنه المطلوب منا أن نهزم البرازيل وهي في أفضل حالاتها‏!‏

ماذا يمكن أن يفعل منتخبنا الصغير في مواجهة هذا العملاق؟‏..‏ وما هي الخطة التي يمكن أن يضعها حسن شحاتة أو أي مدرب عالمي لإيقاف هذا الطوفان الذي لا ينفع معه دفاع ولا هجوم ولاسبيل إلي مواجهته بالنسبة لنا إلا الدعاء بتحقيق أقصي طلب من المباراة وهو تقديم عرض مشرف يعلن عن الكرة المصرية والإفريقية ويمسح عنا أحزان التعثر في تصفيات كأس العالم ويعطينا الأمل في التأهل إلي مونديال‏2010.‏

ليست دعوة لليأس ولا الاستسلام وإنما واقع لابد أن نعيشه وإن كانت كرة القدم لا تعترف بكل هذه الفوارق مهما كبرت وعظمت‏,‏ ودائما ما تسحر مفاجآتها العقول وتخطف القلوب‏.‏

منتخبنا وصل إلي أفضل حالة ممكنة بعد معركة الجزائر‏,‏ وتدريجيا عادت الثقة إلي النفوس‏,‏ وعقد الجميع العزم علي بذل أقصي الجهد من أجل فتح صفحة جديدة تبعدنا عن طريق اللاعودة‏.‏

حسن شحاتة نفسه قال إنه لا مجال للخوف وإنما قلق طبيعي عند مواجهة فريق في حجم البرازيل‏,‏ وطالب اللاعبين بالاستمتاع بالمباراة والتعلم من الدرس وعدم اللجوء للدفاع لأنه لا يجدي مع هذا الفريق الكبير‏,‏ وأكد أن الأمر في النهاية لا يعدو كونه مباراة بين فريقين يضم كل منهما‏11‏ لاعبا بما يعني أنه ليس هناك مستحيل‏.‏

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن‏:‏ ماذا يمكن أن يفعل المنتخب الوطني في مجموعة تضم البرازيل وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية اللتين تلعبان اليوم أيضا ـ حتي لو كان بطل إفريقيا‏..‏ اختبار صعب في ظروف غير مواتية لا نملك أمامه إلا أن نقول‏:‏ استرها يارب‏!‏

كل الترشيحات تضع المنتخبين البرازيلي والإيطالي في الدور قبل النهائي لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها فارق الامكانات والمهارات ولكن كرة القدم لم تقل كلمتها بعد فهل تأتي في مصلحة منتخبنا اليوم ولو بعرض مشرف‏..‏ الإجابة عن هذا السؤال تبدو مستحيلة‏,‏ ولن يعلن عنها إلا بعد‏90‏ دقيقة يسبح فيها منتخبنا ضد التيار الجارف‏!‏